المها جر

يوافق اليوم أول أيام السنة الهجرية إيذاناً ببداية العام الألف والأربعمائة وواحد وثلاثين علي هجرة رسول الله صلي الله عليه وسلم ذلك الحدث الذي اختاره عمر بن الخطاب للتأريخ للمسلمين لما له من أثر وأهمية في تاريخنا الإسلامي. فقد كانت الهجرة ذروة المعاناة وفي الوقت نفسه بداية لانفراجة عظيمة بالنسبة للدعوة الإسلامية وبالنسبة للمسلمين.
أما قمة المعاناة فنستطيع أن نراها فيما لاقاه المسلمون سواء الذين هاجروا إلي الحبشة أو الذين بقوا في مكة أو الذين حاولوا أن يهاجروا فأحيط بهم وأعادهم المشركون إلي مكة مكبلين يجرونهم علي وجوههم حيث تنال منهم صخور مكة الحادة وحرارتها الحارقة وهم يعلنون إيمانهم بالواحد الأحد.
وأبوجهل يقول للمشركين: هكذا نفعل بسفهائنا فافعلوا بسفهائكم ما نفعل. أما ما كان من معاناة واجهها رسول الله صلي الله عليه وسلم فهو أجل من أن يوصف وأكبر من أن يحتمل وأبشع مما يفعله الناس فهو يدعو قومه إلي النجاة والنور وهم يدعونه إلي النار والظلام وهو يدعو ربه: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون" وهم يغرون به سفهاءهم حتي أدموا قدميه بحجارتهم التي يقذفونه بها ويلطمون ابنته فاطمة علي وجهها حتي يسقط قرطها والتفاصيل كثيرة ومؤلمة.
أما الانفراجة فقد كانت بشائرها بما كان من استقبال المهاجرين الأوائل إلي المدينة وما كان من استقباله هو وكان علامة ما تم والمؤشر عليه هو صياح أحد اليهود قائلاً: يا بني قيله أن آباكم قد حضر فاليهودي كان يدرك ما هو حادث وما قد تم والمستقبل المنتظر.
إن علي المظلومين في هذه الدنيا أن يتأملوا أحداث الهجرة ويعيدوا قراءتها ليدركوا منهجية الانتظار وخطط الانتصار وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
إن التضييق الذي نراه صباحاً مساءً علي المسلمين في كل مكان والنيل منهم ومن رموزهم ما هو إلا ذروة المعاناة التي كانت قبل الهجرة ليمحص الله المؤمنين كما محصهم في السابق حتي تكون الجائزة علي قدر الجهاد والمعاناة حتي ينالوا ما يستحقون من نصر الله الذي وعد به عباده الصابرين العاملين فالله عادل ولن يضيع أجر من أحسن عملاً.
إننا نعيش مرحلة المجمرة التي يدخلها الذهب ليخرج نقياً خالصاً من الشوائب ليستحق أن يكون ذهباً خالصاً وما علينا إلا أن نجتهد ونصبر والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

بار الله فيك ياشيخ مالك وجمعناالله واياك على حوض الحبيب المصطفى صاحب الهجره صلوات الله عليه وسلامه وانار الله لك طريقك وجعلنا واياك من الناجين من الفتن وان يطهرنا جميعا ويثبتنا على دينة وسنة حبيبة اعظم من هاجر صلوات الله عليه وسلامه